أخر المقالات
إشترك معنا ليصلك جديد الموقع

بــريدك الإلكترونى فى أمان معنا

الزيارات:
قصة برصيصا العابد

برصيصا رجل من بنى إسرائيل .
كان يضرب به المثل فى الزهد والورع والعبادة فقد فرغ نفسه للعبادة فى صومعته، وكان الناس يحبونه ويثقون فيه ، وكان هناك ثلاثة من الإخوة أرادوا أن يخرجوا فى رحلة طويلة وأرادوا أن يتركوا أختهم فى مكان أمين.
فأخذوا يتشاورون إلى أن هداهم تفكيرهم إلى أن يتركوا أختهم عند هذا الرجل العابد الزاهد فهو الوحيد الذى يؤتمن على أختهم.
وذهب الثلاثة إلى صومعة برصيصا فعرضوا عليه الأمر فرفض أولاً بحجة أنه رجل عابد لا يملك الوقت لرعاية أختهم وأنها سوف تشغله عن العبادة، والشئ الذى لم يعرفه الإخوة أن برصيصا رجل إيمانه ضعيف ذلك أنه اغتر بإيمانه وظن أنه لا قدرة للشيطان عليه ونسى المغرور أن أول درجات سلم الصعود إلى النهاية هو الغرور حيث يفتح قلبه للشيطان.
واستطاع الشيطان أن يوسوس لبرصيصا فقال : أنه عمل خير لهؤلاء المساكين فوافق على طلبهم وانشغل بصلاته وعبادته بعيدا عنها، واشترط على الأخوة أن يبنوا لأختهم كوخا قريبا من صومعته لتسكن فيه فلا يراها ولا تراه.
كان برصيصا يحمل الطعام إلى كوخ الفتاة كل يوم ولكن يتركه فى منتصف الطريق ثم يعود وتأتى هى فتأخذ طعامها ولا زال هذا فعله كل يوم، وللشيطان حيلة ومكره وأسلوبه لا يتغير فهو يفتح أبواب الخير من أجل باب واحداً من الشر.
لقد وسوس إلى برصيصا فقال له : تضع لها الطعام فى منتصف الطريق وتعود فلعل كلبا أو أحداً آخر من الناس يأخذ الطعام فتبيت هى جائعة دون أن تدرى، وفكر برصيصا فى أمر الفتاة وانشغل عن صلاته وعبادته فى تلك الليلة حتى قرر أن يصل إلى باب الكوخ ويضع الطعام على الباب ثم يعود .
وقام فى الصباح يحمل الطعام إلى باب الكوخ ثم طرق الباب وانصرف ولا يزال شيطانه معه يوسوس له ويدبر له أمرا آخر، فراح يصور هذه الفتاة فى خياله فيراها ويتخيلها فتاة جميلة وصغيرة وسرعان ما استغفر ربه وعاد إلى عبادته لكن بقلب آخر غير ذلك القلب الذى كان يعرفه.
وقام فى اليوم التالى فوضع الطعام ثم انصرف ودخل فى عبادته وصلاته ولكن شئ ما قطع عبادته وصلاته، إنه يضع الطعام أمام الباب ثم ينصرف فما أدراه أن الفتاة تأخذ الطعام فلعلها أن تكون يوما من الأيام مريضة تحتاج إلى طبيب أو دواء .
فعقد العزم على أن يضع الطعام ثم يراقبها من بعيد حتى يطمئن قلبه، ولم يدر ان هذه وسوسة شيطانه الذى تغلب عليه، وحين رأى الفتاة لأول مرة قال : يالها من رائعة جميلة أكثر بكثير مما تخيلتها ! وهى هى الأن قد تعلق بها قلبه حتى عاد إلى صومعته لا يفكر إلا فيها.
واستجاب برصيصا لوساوس شيطانه وحاول برصيصا التخلص من هذه الأفكار إلا أنه عاد ليتذكر جميلة الكوخ ففكر فيها حتى مضت ليلته دون صلاة وعزم على أن يكلمها وتكلمه.
وما أن جاء يومه التالى حتى طرق بابها فقال : جئت أسأل عن حالك فلعلك بخير.
فقالت : بخير ياسيدى، فهل تدخل قليلا؟
وسريعا ما خجل برصيصا وقال لا أنما جئت أسأل عن حالك ثم انصرف وعادت أمواج الأفكار العالية تغرق عقله وقلبه حتى صار وحيدا فى ميدان الفكرة ولأنه وحيد ليس معه من يعينه على الطاعة فقد تمكن منه الشيطان لقد صورها الشيطان فى أحلامه ومنامه وراح صوتها يرن فى أذنه وصورتها ووجها لا يفارق عينه فقام فزعا من نومه يتمنى لو كلمها وكلمته مرة آخرى.
وفتح برصيصا قلبه وعقلة لشيطانه فدخل هذه المرة إلى كوخ الفتاة فكلمها وكلمته وأعجبها وأعجبته حتى كانت الفاحشة التى نتج عنها الثمرة الحرام فى بطن هذه الفتاة.
وعصى برصيصا ربه فى نفس المكان الذى عبده فيه.
وجد الشيطان برصيصا فريسة سهلة أمامه فبعد أن ولدت الفتاة غلاماً من حرام وسوس برصيصا فقال له :إذا أتى إخوة الفتاة وعلموا بأمر الغلام فسيقتلونك.
ففكر العابد الأبله فى أمره فهداه شيطانه إلى حيلة أخرى فقتل الطفل الصغير حتى لا يشك أحداً فى أمره.
وعندما عاد إلى صومعته حدثه شيطانه مرة أخرى لعل الفتاة أن تخبر أهلها بما حدث، فقد حزنت لأنك قتلت طفلها.
وفكر برصيصا ودبر ثم أطاع شيطانه فقال فى نفسه : من يقتل مرة يقتل ألف مرة سأقتلها هى الأخرى، وطلب من الفتاة الخروج معه فخرجت فذبحها ثم دفنها بجوار طفلها وعاد إلى صومعته يحاول أن يتوب إلى الله ولكن هيهات فلقد فعل مالم يفعله الشيطان.
وعاد الإخوة فجاءوا إلى برصيصا وهو يدعى العبادة فسألوه عن أختهم، فقال : ماتت فدفنتها ثم أراهم قبرها.
وهكذا كذب وقتل وأرتكب الفاحشة .
وعاد الشيطان هذه المرة إلى الأخوة الثلاثة فجاءهم فى نومهم على هيئة رجل مسافر فسلم عليهم ثم قال :إن أختكم دفنها برصيصا بعد أن ذبحها مع وليدٍ لها من الفاحشة، ثم دلهم على قبرها وأفاق الأخوة الثلاثة فإذا بهم قد رأوا نفس الحلم فعزموا على الذهاب إلى قبر أختهم ففتحوا القبر فوجدوا أختهم مذبوحة ومعها طفلها فأخذوا برصيصا إلى حاكم البلاد ليحكم فيه فأمر بإيداعه السجن حتى يقتل جزاء له على فعلته وسجن العابد برصيصا وفى الصباح جهزت المشنقة وجلس برصيصا فى انتظار قتله فجاءه الشيطان فرحا مسرورا يقول له : أتدرى من أنا.
فقال : لا.
قال : أنا شيطانك الذى أضللتك وأغويتك وأرشدت إخوانها إلى قبرها فأطعنى حتى أنقذك من القتل.
قال : ماذا أفعل.
قال : أسجد لى.
وبدلا من أن يتوب برصيصا إلى ربه سجد لشيطانه فمات وهو يسجد له فكان من أهل النار فصاح الشيطان : إنى برئ منك أنى أخاف الله رب العالمين وما خاف الشيطان من الله يوما ولكنه يسخر من هذا الأحمق.
﴿كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ‌ فَلَمَّا كَفَرَ‌ قَالَ إِنِّي بَرِ‌يءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّـهَ رَ‌بَّ الْعَالَمِينَ ﴿١٦﴾فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ‌ خَالِدَيْنِ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ ﴿١٧﴾﴾ الحشر
منقولة من الشيخ نبيل العوضي


2 التعليقات :

  1. قصة جميلة فيها عبرة لمن يعتبر

    ردحذف
    الردود
    1. شكرا اخي على زيارتك واتمنى ان يعجبك الموقع بما يقدم

      حذف