أخر المقالات
إشترك معنا ليصلك جديد الموقع

بــريدك الإلكترونى فى أمان معنا

الزيارات:
تفسير سورة الشمس

 سورة الشمس : هي مكية
تقدم حديث جابر الذي في الصحيحين : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لمعاذ : " هلا صليت ب ﴿سبح اسم ربك الأعلى﴾ ﴿والشمس وضحاها﴾ ﴿والليل إذا يغشى﴾ ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿والشمس وضحاها ( 1 ) والقمر إذا تلاها ( 2 ) والنهار إذا جلاها ( 3 ) والليل إذا يغشاها ( 4 ) والسماء وما بناها ( 5 ) والأرض وما طحاها ( 6 ) ونفس وما سواها ( 7 ) فألهمها فجورها وتقواها ( 8 ) قد أفلح من زكاها ( 9 )  وقد خاب من دساها ( 10 ) ﴾
قال مجاهد : ﴿والشمس وضحاها﴾ أي : وضوئها . وقال قتادة : ﴿وضحاها﴾ النهار كله .
قال ابن جرير : والصواب أن يقال : أقسم الله بالشمس ونهارها ; لأن ضوء الشمس الظاهر هو النهار .
﴿والقمر إذا تلاها﴾ قال مجاهد : تبعها . وقال العوفي ، عن ابن عباس : ﴿والقمر إذا تلاها﴾ قال : يتلو النهار . وقال قتادة : ﴿إذا تلاها﴾ليلة الهلال ، إذا سقطت الشمس رؤي الهلال .
وقال ابن زيد : هو يتلوها في النصف الأول من الشهر ، ثم هي تتلوه . وهو يتقدمها في النصف الأخير من الشهر .
وقال مالك ، عن زيد بن أسلم : إذا تلاها ليلة القدر .
وقوله : ﴿والنهار إذا جلاها﴾ قال مجاهد : أضاء . وقال قتادة : ﴿والنهار إذا جلاها﴾ إذا غشيها النهار .
قال ابن جرير : وكان بعض أهل العربية يتأول ذلك بمعنى : والنهار إذا جلا الظلمة ، لدلالة الكلام عليها .
قلت : ولو أن هذا القائل تأول [ ذلك ] بمعنى ﴿والنهار إذا جلاها﴾ أي : البسيطة ، لكان أولى ، ولصح [ تأويله في ] قول الله ﴿والليل إذا يغشاها﴾ فكان أجود وأقوى ، والله أعلم . ولهذا قال مجاهد : ﴿والنهار إذا جلاها﴾ إنه كقوله : ﴿والنهار إذا تجلى﴾ [ الليل : 2 ] . [ ص: 411 ] وأما ابن جرير فاختار عود الضمير في ذلك كله على الشمس ، لجريان ذكرها . وقالوا في قوله : ﴿والليل إذا يغشاها﴾ يعني : إذا يغشى الشمس حين تغيب ، فتظلم الآفاق .
وقال بقية بن الوليد ، عن صفوان ، حدثني يزيد بن ذي حمامة قال : إذا جاء الليل قال الرب جل جلاله : غشي عبادي خلقي العظيم ، فالليل يهابه ، والذي خلقه أحق أن يهاب . رواه ابن أبي حاتم .
وقوله : ﴿والسماء وما بناها﴾ يحتمل أن تكون " ما " هاهنا مصدرية ، بمعنى : والسماء وبنائها . وهو قول قتادة ، ويحتمل أن تكون بمعنى " من " يعني : والسماء وبانيها . وهو قول مجاهد ، وكلاهما متلازم ، والبناء هو الرفع ، كقوله : ﴿والسماء بنيناها بأيد﴾ أي : بقوة ﴿وإنا لموسعون والأرض فرشناها فنعم الماهدون﴾ [ الذاريات : 47 ، 48 ] .
وهكذا قوله : ﴿والأرض وما طحاها﴾ قال مجاهد : ﴿طحاها﴾ دحاها . وقال العوفي ، عن ابن عباس : ﴿وما طحاها﴾ أي : خلق فيها .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ﴿طحاها﴾ قسمها .
وقال مجاهد ، وقتادة والضحاك ، والسدي ، والثوري ، وأبو صالح ، وابن زيد : ﴿طحاها ) بسطها .
وهذا أشهر الأقوال ، وعليه الأكثر من المفسرين ، وهو المعروف عند أهل اللغة ، قال الجوهري : طحوته مثل دحوته ، أي : بسطته .
وقوله : ﴿ونفس وما سواها﴾ أي : خلقها سوية مستقيمة على الفطرة القويمة ، كما قال تعالى : ﴿فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله﴾ [ الروم : 30 ] وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، كما تولد البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء ؟ " .
أخرجاه من رواية أبي هريرة

وفي صحيح مسلم من رواية عياض بن حمار المجاشعي ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " يقول الله - عز وجل - : إني خلقت عبادي حنفاء فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم " .

وقوله : ﴿فألهمها فجورها وتقواها﴾ أي : فأرشدها إلى فجورها وتقواها ، أي : بين لها ذلك ، وهداها إلى ما قدر لها .
قال ابن عباس : ﴿فألهمها فجورها وتقواها﴾ بين لها الخير والشر . وكذا قال مجاهد ، وقتادة ، والضحاك ، والثوري .
وقال سعيد بن جبير : ألهمها الخير والشر . وقال ابن زيد : جعل فيها فجورها وتقواها .
وقال ابن جرير : حدثنا ابن بشار ، حدثنا صفوان بن عيسى وأبو عاصم النبيل قالا حدثنا عزرة بن ثابت ، حدثني يحيى بن عقيل ، عن يحيى بن يعمر ، عن أبي الأسود الديلي قال : قال لي عمران بن حصين : أرأيت ما يعمل فيه الناس ويتكادحون فيه ، أشيء قضي عليهم ومضى عليهم من قدر قد سبق ، أو فيما يستقبلون مما أتاهم به نبيهم - صلى الله عليه وسلم - وأكدت عليهم الحجة ؟ قلت : بل شيء قضي عليهم . قال : فهل يكون ذلك ظلما ؟ قال : ففزعت منه فزعا شديدا ، قال : قلت له : ليس شيء إلا وهو خلقه وملك يده ، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون . قال : سددك الله ، إنما سألت لأخبر عقلك ، إن رجلا من مزينة - أو جهينة - أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، أرأيت ما يعمل الناس فيه ويتكادحون ، أشيء قضي عليهم ومضى عليهم من قدر قد سبق ، أم شيء مما يستقبلون مما أتاهم به نبيهم ، وأكدت به عليهم الحجة ؟ قال : " بل شيء قد قضي عليهم " . قال : ففيم نعمل ؟ قال : " من كان الله خلقه لإحدى المنزلتين يهيئه لها ، وتصديق ذلك في كتاب الله : ﴿ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها
رواه أحمد ومسلم ، من حديث عزرة بن ثابت به .

وقوله : ﴿قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها﴾ يحتمل أن يكون المعنى : قد أفلح من زكى نفسه ، أي : بطاعة الله - كما قال قتادة - وطهرها من الأخلاق الدنيئة والرذائل . ويروى نحوه عن مجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير . وكقوله : ﴿قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى﴾ [ الأعلى : 14 ، 15 ] .

﴿وقد خاب من دساها﴾ أي : دسسها ، أي : أخملها ووضع منها بخذلانه إياها عن الهدى ، حتى ركب المعاصي وترك طاعة الله - عز وجل - .
وقد يحتمل أن يكون المعنى : قد أفلح من زكى الله نفسه ، وقد خاب من دسى الله نفسه ، كما قال العوفي وعلي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي وأبو زرعة قالا حدثنا سهل بن عثمان ، حدثنا أبو مالك - يعني عمرو بن هشام - عن جويبر ، عن الضحاك ، عن ابن عباس قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في قول الله : ﴿قد أفلح من زكاها﴾ قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أفلحت نفس زكاها الله " .
ورواه ابن أبي حاتم من حديث أبي مالك ، به . وجويبر [ هذا ] هو ابن سعيد ، متروك الحديث ، والضحاك لم يلق ابن عباس .

وقال الطبراني : حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح ، حدثنا أبي ، حدثنا ابن لهيعة ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا مر بهذه الآية : ﴿ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها﴾ وقف ، ثم قال : " اللهم آت نفسي تقواها ، أنت وليها ومولاها ، وخير من زكاها " .
حديث آخر : قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا يعقوب بن حميد المدني ، حدثنا عبد الله بن عبد الله الأموي ، حدثنا معن بن محمد الغفاري ، عن حنظلة بن علي الأسلمي ، عن أبي هريرة قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ : ﴿فألهمها فجورها وتقواها﴾ قال : " اللهم آت نفسي تقواها ، وزكها أنت خير من زكاها ، أنت وليها ومولاها " لم يخرجوه من هذا الوجه .


0 التعليقات :

إرسال تعليق