أخر المقالات
إشترك معنا ليصلك جديد الموقع

بــريدك الإلكترونى فى أمان معنا

الزيارات:
وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا

إن الحمد لله وحده نحمده و نشكره و نستعـينه و نستغفره و نعود بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مظل له و من يظلل فلن تجد له ولياً مرشدا، و أشهد أن لا إلاه إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده و رسوله صلى الله عليه وسلم و على آله و صحبه أجمعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ..
قصة التحريم في تفسير القرطبي وابن كتير
قال تعالى في سورة التحريم
﴿ وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ ۖ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَٰذَا ۖ قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3) إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ۖ وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ (4) عَسَىٰ رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا (5)﴾

سبب نزول الآية الأولى من سورة التحريم وهي قوله تعالى: ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾، وقد وردت في هده الآية عدة تفسيرات نسأل من الله تعالى ان لا نخطأ فيها ومن هذه التفسيرات:
ما روي بأن زوجة الرسول -عليه الصلاة والسلام- قد أذنت منه الذهاب إلى بيت والدها للاطمئنان عليه فسمح لها الرسول -عليه السلام- بذلك، وعندها بعث -عليه السلام- إلى جاريته مارية وهو في دار حفصة، وعندما رجعت حفصة إلى دارها ووجدت مارية مع الرسول ولم يكن يومها، فانزعجت مما رأت وظنت بأن الرسول -عليه السلام- فعل ذلك لهوان أمرها وشأنها عنده، كما قد أخبرته بأنها ستطلع زوجته عائشة على ما فعل، فخاف الرسول -عليه السلام- من انزعاج واستياء عائشة مما فعل، وطلب من حفصة عدم إطلاع عائشة على ما حصل، ثم حلف لها بعدم اقترابه أو اختلائه بماريه القبطية بعد ما جرى، إلا أن حفصة أطلعت عائشة على الأمر، مما تسبب بانزعاج الرسول واستيائه من ذلك واعتزاله عن نسائه ل29 يوماً، فكان نزول الآية لتحريم رسول الله -عليه السلام- جاريته مارية وهي حلال عليه لإرضاء زوجاته.

وفي رواية اخرى أن الرسول -عليه السلام- كان يزور جميع زوجاته تباعاً بعد انقضائه من صلاة العصر، فبعدما دخل دار حفصة بنت عمر أطال المقام عندها على غير المعتاد، فأرسلت عائشة إحدى جارياتها إلى بيت حفصة لمعرفة سبب تأخر الرسول في بيت حفصة، فأخبرتها جاريتها بأن الرسول -عليه السلام- يشرب العسل عندها لذلك أطال المقام عندها، وعندها اتفقت عائشة مع باقي زوجات الرسول على التظاهر بالنفور من رائحة فم الرسول لتناوله طعام كريه الرائحة، حيث كلما كان يدخل دار واحدة منهن كن يسألنه عن سبب الرائحة الكريهة المنبعثة من فمه، فكان يقول -عليه السلام- بأنه تناول العسل لدى حفصة، ثم حلف ألا يعود لتناوله من بيت حفصة من جديد، وبهذا كان سبب نزول الآية في تحريم رسول الله -عليه السلام- ما أحلّه الله تعالى من الطعام والشراب الحلال من أجل مرضاة زوجاته.
في تفسير القرطبي
قوله تعالى :﴿ وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا ﴾ أي واذكر إذ أسر النبي إلى حفصة حديثا يعني تحريم مارية على نفسه واستكتامه إياها ذلك.
وقال الكلبي : أسر إليها أن أباك وأبا عائشة يكونان خليفتي على أمتي من بعدي ; وقاله ابن عباس . قال : أسر أمر الخلافة بعده إلى حفصة فذكرته حفصة.
روى الدارقطني في سننه عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى :﴿ وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا ﴾ قال : اطلعت حفصة على النبي صلى الله عليه وسلم مع أم إبراهيم فقال : " لا تخبري عائشة " وقال لها : " إن أباك وأباها سيملكان أو سيليان بعدي فلا تخبري عائشة " قال : فانطلقت حفصة فأخبرت عائشة فأظهره الله عليه، فعرف بعضه وأعرض عن بعض. قال أعرض عن قوله : " إن أباك وأباها يكونان بعدي "، كره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينشر ذلك في الناس.
﴿ فلما نبأت به ﴾ أي أخبرت به عائشة لمصافاة كانت بينهما، وكانتا متظاهرتين على نساء النبي صلى الله عليه وسلم،﴿ وأظهره الله عليه ﴾ أي أطلعه الله على أنها قد نبأت به، وقرأ طلحة بن مصرف ﴿ فلما أنبأت ﴾ وهما لغتان : أنبأ ونبأ .
ومعنى عرف بعضه وأعرض عن بعض عرف حفصة بعض ما أوحي إليه من أنها أخبرت عائشة بما نهاها عن أن تخبرها، وأعرض عن بعض تكرما; قاله السدي.
وقال الحسن : ما استقصى كريم قط، قال الله تعالى :﴿ عرف بعضه وأعرض عن بعض ﴾. وقال مقاتل : يعني أخبرها ببعض ما قالت لعائشة، وهو حديث أم ولده ولم يخبرها ببعض وهو قول حفصة لعائشة : إن أبا بكر وعمر سيملكان بعده. وقراءة العامة عرف مشددا، ومعناه ما ذكرناه. واختاره أبو عبيد وأبو حاتم، يدل عليه قوله تعالى : ﴿ وأعرض عن بعض ﴾ أي لم يعرفها إياه، ولو كانت مخففة لقال في ضده وأنكر بعضا. وقرأ علي وطلحة بن مصرف وأبو عبد الرحمن السلمي والحسن وقتادة والكلبي والكسائي والأعمش عن أبي بكر " عرف " مخففة. قال عطاء : كان أبو عبد الرحمن السلمي إذا قرأ عليه الرجل عرف مشددة حصبه بالحجارة. قال الفراء : وتأويل قوله عز وجل :﴿ عرف بعضه ﴾ بالتخفيف، أي غضب فيه وجازى عليه; وهو كقولك لمن أساء إليك : لأعرفن لك ما فعلت، أي لأجازينك عليه، وجازاها النبي صلى الله عليه وسلم بأن طلقها طلقة واحدة، فقال عمر : لو كان في آل الخطاب خير لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم طلقك. فأمره جبريل بمراجعتها وشفع فيها، واعتزل النبي صلى الله عليه وسلم نساءه شهرا، وقعد في مشربة مارية أم إبراهيم حتى نزلت آية التحريم على ما تقدم، وقيل : هم بطلاقها حتى قال له جبريل : " لا تطلقها فإنها صوامة قوامة ، وإنها من نسائك في الجنة " فلم يطلقها .
﴿ فلما نبأها به ﴾ أي أخبر حفصة بما أظهره الله عليه.
قالت من أنبأك هذا يا رسول الله عني، فظنت أن عائشة أخبرته، فقال عليه السلام : نبأني العليم الخبير أي الذي لا يخفى عليه شيء.
وهذا سد مسد مفعولي " أنبأ " و " نبأ " الأول تعدى إلى مفعولين، و " نبأ " الثاني تعدى إلى مفعول واحد، لأن نبأ وأنبأ إذا لم يدخلا على المبتدأ والخبر جاز أن يكتفى فيهما بمفعول واحد وبمفعولين، فإذا دخلا على الابتداء والخبر تعدى كل واحد منهما إلى ثلاثة مفاعيل، ولم يجز الاقتصار على الاثنين دون الثالث، لأن الثالث هو خبر المبتدأ في الأصل فلا يقتصر دونه، كما لا يقتصر على المبتدأ دون الخبر.

في تفسير ابن كثير
﴿ وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا ﴾ لقوله "بل شربت عسلا" وقال إبراهيم بن موسى عن هشام "ولن أعود له وقد حلفت فلا تخبري بذلك أحدا" وهكذا رواه في كتاب الطلاق بهذا الإسناد ولفظه قريب منه.
ثم قال المغافير شبيه بالصمغ يكون في الرمث فيه حلاوة أغفر الرمث إذا ظهر فيه واحدها مغفور ويقال مغافير وهكذا قال الجوهري قال وقد يكون المغفور أيضا للعشر والثمام والسلم والطلح قال والرمث بالكسر مرعى من مراعي الإبل وهو من الحمض قال والعرفط شجر من العظاة ينضح المغفور.
وقد روى مسلم هذا الحديث في كتاب الطلاق من صحيحه عن محمد بن حاتم عن حجاج عن ابن جريج أخبرني عطاء عن عبيد بن عمير عن عائشة به ولفظه كما أورده البخاري فى الأيمان والنذور ثم قال البخاري في كتاب الطلاق ثنا فروة بن أبي المغراء ثنا علي بن مسهر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الحلوى والعسل وكان إذا انصرف من العصر دخل على نسائه فيدنو من إحداهن فدخل على حفصة بنت عمر فاحتبس أكثر ما كان يحتبس فغرت فسألت عن ذلك فقيل لي أهدت لها امرأة من قومها عكة عسل فسقت النبي صلى الله عليه وسلم منه شربة فقلت أما والله لنحتالن له فقلت لسودة بنت زمعة إنه سيدنو منك فإذا دنا منك فقولي أكلت مغافير فإنه سيقول لك لا فقولي له ما هذه الريح التي أجد فإنه سيقول لك سقتني حفصة شربة عسل فقولي جرست نحله العرفط وسأقول ذلك وقولي له أنت يا صفية ذلك قالت تقول سودة فوالله ما هو إلا أن قام على الباب فأردت أن أناديه بما أمرتني فرقا منك فلما دنا منها قالت له سودة يا رسول الله أكلت مغافير؟ قال "لا" قالت فما هذه الريح التي أجد منك؟ قال "سقتني حفصة شربة عسل" قالت جرست نحله العرفط فلما دار إلي قلت نحو ذلك فلما دار إلى صفية قالت له مثل ذلك فلما دار إلى حفصة قالت له يا رسول الله ألا أسقيك منه؟ قال "لا حاجة لي فيه" قالت تقول سودة والله لقد حرمناه قلت لها اسكتي هذا لفظ البخاري.
وقد رواه مسلم عن سويد بن سعيد عن علي بن مسهر به وعن أبي كريب وهارون بن عبدالله والحسن بن بشر ثلاثتهم عن أبي أسامة حماد بن أسامة عن هشام بن عروة به وعنده : قالت : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتد عليه أن يوجد منه الريح يعني الريح الخبيثة ولهذا قلن له أكلت مغافير لأن ريحها فيه شيء فلما قال "بل شربت عسلا" قلن جرست نحله العرفط أي رعت نحله شجر العرفط الذي صمغه المغافير فلهذا ظهر ريحه في العسل الذي شربته قال الجوهري جرست النحل العرفط تجرس إذا أكلته ومنه قيل للنحل جوارس قال الشاعر:
 تظل على الثمراء منها جوارس
وقال الجرس والجرس الصوت الخفي ويقال سمعت جرس الطير إذا سمعت صوت مناقيرها على شيء تأكله وفي الحديث "فيسمعون جرس طير الجنة" قال الأصمعي كنت في مجلس شعبة قال فيسمعون جرش طير الجنة بالشين فقلت جرس فنظر إلي فقال: خذوها عنه فإنه أعلم بهذا منا.
والغرض أن هذا السياق فيه أن حفصة هي الساقية للعسل وهو من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن خالته عن عائشة وفي طريق ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عائشة أن زينب بنت جحش هي التي سقته العسل وأن عائشة وحفصة تواطأتا وتظاهرتا عليه فالله أعلم.
وقد يقال أنهما واقعتان ولا بعد في ذلك إلا أن كونهما سببا لنزول هذه الآية فيه نظر والله أعلم.


0 التعليقات :

إرسال تعليق